عام 1995 من داخل زنزانة في نيجيريا، كتب الروائي
والناشط البيئي "كين سارو ويوا" إلى منظمة PEN -وهي منظمة دولية للحقوق الأدبية
والإنسانية- بالولايات المتحدة الأمريكية "غالبًا ما أغبط هؤلاء الكتاب في
العالم الغربي الذين يتمكنون من ممارسة سلمية لحرفتهم وكسب قوت معيشتهم منها"؛
وبعد وقت قصير من إرساله لخطابه، أُعدِم على يد المنظمة العسكرية بقيادة الجنرال
"ساني أباتشا".
نسبة إلى الكثير من الكتاب في جميع أنحاء العالم، ألفاظ
التعبئة على صفحةٍ ما لا تزال تُعرِّض حياتهم للخطر؛ حيث تقوم لجنة حرية الكتابة
التابعة لمنظمة PEN العالمية برصد أكثر من 500 قضية من قضايا الكتاب
المضطهدين في كل عام، والذي من ضمنهم: الفائز بجائزة نوبل "ليو شياو بو"
والذي يقضى 11 عامًا محتجزًا داخل سجن صيني؛ الشاعر الروائي وكاتب المقالات
الفيتنامي "نجيوين شوان نجيا" والذي قضى ست سنوات محتجزًا لكتاباته في
المعارضة؛ "محمد العجمي" والذي يقضي 15 عامًا في سجن بقطر لتأليفه قصيدتين
ينتقد فيهما أمير قطر؛ على الرغم من المفارقات الخصوصية الدارجة، إلا أنها ليست بمقتصرة
على المؤلفين الأمريكيين. "فيليب روث"عبَّر وهو عائدًا من رحلته في براغ
التي تحكمها الشيوعية في ملاحظة أدلى بها قائلَا "هناك، لا شيء يذهب وكل شيء
يستدعي الاهتمام؛ وهنا، كل شيء يذهب ولا شيء يستدعي الاهتمام". القمع هو
الإطراء الذي تدفعه الدكتاتورية للسلطة الأخلاقية عن مؤلفيه.
انحسرت سلطة
الكلمة المطبوعة، وقوة سخطها تلاشت.
حظى روث على مطلق الحرية في الكتابة -كمثال على ذلك،
رواية (شكوى برتنوي) الموصومة بالصراحة الجنسية، والتي نشرت عام 1969- بناءً على
سلسلة من القرارات الصادرة عن المحاكم والتي بلغت أوج ذروتها عام 1966. في تلك
السنة، صدرحكم المحكمة العليا 3/6 عن رواية (فاني هيل) للكاتب "جون
كليلاند" بأنها عملٌ ((يبطل القيم الاجتماعية))
وبشكل فعال قد
وضع حدًا لرقابة الأعمال الأدبية والتي أعتبرت بمثابة عملًا روتينيًا في الولايات
المتحدة.
جديرٌ بالذكر القضية التي شغلت الولايات المتحدة عام 1933 حول كتاب واحد يسمى "يوليسيس"، حيث حكم القاضي "جون م.وولس" أن رواية "جيمس جويس" الغير تقليدية لم تكن "فاحشة، فلقد شكلت سابقة من شأنها أدت بنهاية المطاف إلى رفع القيود المفروضة عمليًا على جميع الكتب غير التشهيرية أو المهددة للأمن الوطني، فاليوم يبدو الفحش والألفاظ النابية من الفئات الجذابة -على الأقل حينما تتجسد عبر اتصالها مع الخيال والشعر- ولم تعد خدمة بريد الولايات المتحدة تحظر الكتب وتحرقها.
جديرٌ بالذكر القضية التي شغلت الولايات المتحدة عام 1933 حول كتاب واحد يسمى "يوليسيس"، حيث حكم القاضي "جون م.وولس" أن رواية "جيمس جويس" الغير تقليدية لم تكن "فاحشة، فلقد شكلت سابقة من شأنها أدت بنهاية المطاف إلى رفع القيود المفروضة عمليًا على جميع الكتب غير التشهيرية أو المهددة للأمن الوطني، فاليوم يبدو الفحش والألفاظ النابية من الفئات الجذابة -على الأقل حينما تتجسد عبر اتصالها مع الخيال والشعر- ولم تعد خدمة بريد الولايات المتحدة تحظر الكتب وتحرقها.
عام 1923، بعد عام من نشر كل من "أوليسيس" و
قصيدته التاريخية الخاصة "أرض اليباب"، أعلن "تي.أس.إليوت" أن
رواية جويس هي (التعبير الأمثل وأكثر أهمية قد شهده العصر الحديث بل هو كتاب نحن
جميعًا له مدينون، ولا مفر لأحد منا منه)؛ ولكن لم تحذ الرواية على موافقة الجميع،
حيث أطلق "إديث وارتون" على أوليسيس أنها (التمرغ المبالغ في المواد
الإباحية)، وأنكرت "فيرجينيا وولف" واعتبرت جيمس وكأنه (مراهق يثير
الغثيان يخدش بثوره) وعقبت على أوليسيس بأنه (كتاب أمِي مبتذل)، كما أوضح
"دي.أتش.لورانس" -والذي كان لديه مشاكله الخاصة مع الرقابة- أن الفصل
النهائي من أوليسيس هو (أكثر الكتابات الغير لائقة فحشًا وأقذر ما كتب على
الإطلاق).
وتعد أكثر إشكالية واجهت جويس هي أن "روايته كانت غير محبذة من قبل رجال الحكومة وأصحاب النزعة الأخلاقية وحُماها، والذين بحالهم قد صدروا وأعدموا مئات من النسخ.
اليوم، حين القراءة عما أحرزه ليويولد بلوم –بطل الرواية الخيالي- في دبلن 16 يونيو 1904، أنها لا تزال تضفي شعورًا كشعور عيد الغطاس، حيث لم تعد اليد ترتعش عند التعامل مع الفاكهة المحرمة.
بعد نجاحه في تحطيم كافة الرموز في رحاب الأدب، بوقت ما كان الأدب لا يزال يبجَّل كمؤسسة مقدسة، حل يوليوس بغير محله، وتمكن من بيع أكثر من 100 ألف نسخة في العام.
وحسب الإحصاء الحالي وفقًا لجمعية اللغات الحديثة للبيبلوغرافيا الدولية أن المقالات والكتب العلمية قد حازت على 3916 إدخالًا وبحثًا.
وتعد أكثر إشكالية واجهت جويس هي أن "روايته كانت غير محبذة من قبل رجال الحكومة وأصحاب النزعة الأخلاقية وحُماها، والذين بحالهم قد صدروا وأعدموا مئات من النسخ.
اليوم، حين القراءة عما أحرزه ليويولد بلوم –بطل الرواية الخيالي- في دبلن 16 يونيو 1904، أنها لا تزال تضفي شعورًا كشعور عيد الغطاس، حيث لم تعد اليد ترتعش عند التعامل مع الفاكهة المحرمة.
بعد نجاحه في تحطيم كافة الرموز في رحاب الأدب، بوقت ما كان الأدب لا يزال يبجَّل كمؤسسة مقدسة، حل يوليوس بغير محله، وتمكن من بيع أكثر من 100 ألف نسخة في العام.
وحسب الإحصاء الحالي وفقًا لجمعية اللغات الحديثة للبيبلوغرافيا الدولية أن المقالات والكتب العلمية قد حازت على 3916 إدخالًا وبحثًا.
لذا، إضافة إلى المكتبة الشاسعة لتعقيبات التي طالت
يوليسيس، أراد كيفن برمنغهام أن لا يفسر ولا يبرر مؤلفات جويس المتورطة؛ وبغض
النظر عن ذلك، فقد أنتج ما أسماه "سيرة الكتاب"، وهو بمثابة حساب بين
كيف كان البناء، القمع وهيمنة النص الحداثي.
"أخطر كتاب .. المعركة من أجل رواية يوليسيس لجميس
جويس"جاء ليحكي قصة مثيرة حول كيف رواية يوليسيس قد كتبت، حُكمت، بُرَأت،
نُشرت، وقُرأت؛ وأعد ذلك الكتاب مصدرًا أساسيًا، من خلال البحث والانخراط في السرد
عن الجنس، علم الجمال، الأخلاق، والفقه، فعاصر تداعيت ما يقرب من قرن من الزمان.
برمنغهام، محاضر بجامعة هارفارد، يرى أن رواية جويس تعد أمرًا حاسمًا نسبة إلى القانون بقدر التاريخ الأدبي. مسارها من الحظر النهِر إلى كونها معلَمًا أساسيًا في الحداثة؛ أوجدت تغيرات عميقة مؤثرة في الثقافة الغربية في غضون أقل من قرن من الزمان.
برمنغهام، محاضر بجامعة هارفارد، يرى أن رواية جويس تعد أمرًا حاسمًا نسبة إلى القانون بقدر التاريخ الأدبي. مسارها من الحظر النهِر إلى كونها معلَمًا أساسيًا في الحداثة؛ أوجدت تغيرات عميقة مؤثرة في الثقافة الغربية في غضون أقل من قرن من الزمان.
في عام 1918، بدأت فصول رواية "يوليسيس" في
الظهور عبر حلقات "the little
review"، وهي مجلة طليعة دولية مقرها مدينة غرينتش. على الرغم من أن
شعارها هو "لا للحلول الوسطية مع الذوق العام" إلا أن اضطرا محرراها
الخاصان "مارغريت أندرسون وجان هيب" لتقديم تنازلات عند تهديدهما بالحبس
لاشتمال الجريدة على محتويات فاحشة. كما تعرضت "هاريت شو ويفر" رئيس
تحرير صحيفة "Egoist"
بلندن إلى مشاكل قانونية مماثلة؛ ولذلك لم يجرؤ أي أمريكي أو بريطاني من ناشري
الكتب على تحدي الرقابة في بلدهم وتسويق أي طبعة من رواية يوليسيس.
مع ذلك، قررت سيلفيا بيتش، مالكة Shakespeare and Company، وهي مكتبة إنجليزية أسطورية في باريس، وعلى الرغم من افتقارها إلى أي خبرة في النشر، إخراج الكتاب بنفسها؛ بتوظيف عامل طباعة في ليون لا يتحدث الإنجليزية، وأخيرًا وضعت الرواية بين غلافين متينين، واعتبرتها الرواية الأكثر ابتكارًا في اللغة الإنجليزية الحديثة. ومع ذلك كانت قراءتها وتوزيعها تحديًا، نظرًا لأن جمعية نيويورك لقمع المخالفين والموظفين البريديين قامت بتجميع وحظر النسخ التي شقت طريقها إلى الولايات المتحدة، كما كانت السلطات البريطانية متأهبة بنفس القدر في فرض حظر على كتاب جويس المزعوم.
مع ذلك، قررت سيلفيا بيتش، مالكة Shakespeare and Company، وهي مكتبة إنجليزية أسطورية في باريس، وعلى الرغم من افتقارها إلى أي خبرة في النشر، إخراج الكتاب بنفسها؛ بتوظيف عامل طباعة في ليون لا يتحدث الإنجليزية، وأخيرًا وضعت الرواية بين غلافين متينين، واعتبرتها الرواية الأكثر ابتكارًا في اللغة الإنجليزية الحديثة. ومع ذلك كانت قراءتها وتوزيعها تحديًا، نظرًا لأن جمعية نيويورك لقمع المخالفين والموظفين البريديين قامت بتجميع وحظر النسخ التي شقت طريقها إلى الولايات المتحدة، كما كانت السلطات البريطانية متأهبة بنفس القدر في فرض حظر على كتاب جويس المزعوم.
لم يكن حتى قرار القاضي وولسي في 7 ديسمبر 1933، بعد أكثر
من عقد من الإصدار الباريسي الأول، أن Random house (أكبر دار نشر للكتب في الولايات
المتحدة)، كان قادرًا على نشر يوليسيس بشكل قانوني. لم يكن جون لين حتى عام 1936
قادرًا على نشر وبيع الرواية في المملكة المتحدة.
لم يكن لدى جمعية المكتبات الأمريكية، والتي تحدد الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر بأنه "أسبوع الكتب المحظورة"، أي مشكلة في العثور على عناوين لملء قوائم الكتب السنوية تحت الحظر. ومع ذلك ، فهذه الكتب العامة التي تمت إزالتها من مكتبات أو مدارس معينة لم تكن تحظى بنفس الحظر الشامل المفروض على يوليسيس، ومن تلك الكتب Lady Chatterley’s Lover, Tropic of Cancer, Naked Lunch, Lolita، وغيرهم من الأعمال التي أصبحت منذ ذلك الحين مواد أساسية للدراسة الأدبية. على مر العقود منذ قرار وولسي، كافح المؤلفون والناشرون والقضاة من أجل تمييز الاختلافات بين "غير لائق" و "فاضح" وتحديد معاني مثل هذه المصطلحات الفنية على أنها "إباحية" و"محرر من القيمة الاجتماعية". ومع ذلك على الرغم من أن التفسيرات الجنسية واللغة الفذَّة هما أكثر الأسباب التي يتم ذكرها في كثير من الأحيان حول الكتب التي يتم الطعن فيها الآن، إلا أنه ليس هناك الآن عائق قانوني أمام النشر أو البيع.
لم يكن لدى جمعية المكتبات الأمريكية، والتي تحدد الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر بأنه "أسبوع الكتب المحظورة"، أي مشكلة في العثور على عناوين لملء قوائم الكتب السنوية تحت الحظر. ومع ذلك ، فهذه الكتب العامة التي تمت إزالتها من مكتبات أو مدارس معينة لم تكن تحظى بنفس الحظر الشامل المفروض على يوليسيس، ومن تلك الكتب Lady Chatterley’s Lover, Tropic of Cancer, Naked Lunch, Lolita، وغيرهم من الأعمال التي أصبحت منذ ذلك الحين مواد أساسية للدراسة الأدبية. على مر العقود منذ قرار وولسي، كافح المؤلفون والناشرون والقضاة من أجل تمييز الاختلافات بين "غير لائق" و "فاضح" وتحديد معاني مثل هذه المصطلحات الفنية على أنها "إباحية" و"محرر من القيمة الاجتماعية". ومع ذلك على الرغم من أن التفسيرات الجنسية واللغة الفذَّة هما أكثر الأسباب التي يتم ذكرها في كثير من الأحيان حول الكتب التي يتم الطعن فيها الآن، إلا أنه ليس هناك الآن عائق قانوني أمام النشر أو البيع.
على النقيض من ذلك في عام 1857، تمت محاكمة تشارلز
بودلير، وإجباره على دفع غرامة قدرها 300 فرنك بسبب "إهانة الآداب
العامة" في مجموعته الشعرية Les
Fleurs du mal (أزهار الشر). ومع
ذلك، من الصعب الآن تصور أي دولة ديمقراطية تفرض اعتراضًا على ديوان من القصائد.
" لو أن غاليليو قد قال في بيت شعر أن العالم تحرك، ربما كانت محاكم التفتيش تركته
وحيدًا" ، هذا ما قاله توماس هاردي، مشيرًا إلى عدم اكتراث المجتمع بفنه.
صحيح أن نشر آيات شيطانية لسلمان رشدي عام 1988 أثار ردود فعل عنيفة وحظر، وصحيح أيضًا أنه بضغط من النشطاء الهندوس الذين تلقوا الإساءات في تصورات دينهم، سحبت دار نشر Penguin India (The Hindus التاريخ البديل 2009) للكاتب ويندي دونيغر من البيع. ولم يكن الفحش أو الإباحة شيئًا في قضية رشدي ودونيغر. على النقيض من ذلك ، لم يواجه جيمس أي مشكلة في نشر وبيع الرومانسية المثيرة للشهوة في Fifty Shades of Grey. على غرار ما لا يستهان به بسبب جويس ورعاته والناشرين والمحامين والمتعصبين، أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية لم تعدا توظِّفا رقباء أدبيين.
صحيح أن نشر آيات شيطانية لسلمان رشدي عام 1988 أثار ردود فعل عنيفة وحظر، وصحيح أيضًا أنه بضغط من النشطاء الهندوس الذين تلقوا الإساءات في تصورات دينهم، سحبت دار نشر Penguin India (The Hindus التاريخ البديل 2009) للكاتب ويندي دونيغر من البيع. ولم يكن الفحش أو الإباحة شيئًا في قضية رشدي ودونيغر. على النقيض من ذلك ، لم يواجه جيمس أي مشكلة في نشر وبيع الرومانسية المثيرة للشهوة في Fifty Shades of Grey. على غرار ما لا يستهان به بسبب جويس ورعاته والناشرين والمحامين والمتعصبين، أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية لم تعدا توظِّفا رقباء أدبيين.
لم يكن أي شخص مثل فيليب روث، يلاحظ كيف أن الأدب المحيطي
قد أصبح للثقافة المتعارفة انتصارًا لحرية التعبير، إذا استطردت الأمور على هذا
النحو، هل يهم شيء؟
كتاب بيرمنغهام مثله مثل أعمال حديثة كـ (Obscene
in the Extreme) حرق ونفي جون شتاينبك عناقيد الغضب 2008 للكاتب ريك
وارتزمن، و(The Zhivago Affair)
الكرملين ووكالة المخابرات المركزية والمعركة على الكتب المحظورة 2013 لكاتبيها بيتر
فين و بترا كوفييه؛ يقدم حنينًا للماضي المعاصر، عندما تكون الكتب لا تحمل عبء
الكتابة والنشر فقط بل تحمل بين طياتها مخاطر الاعتقال، عندما لا تطلب رأس مال
فحسب بل تطلب الشجاعة أيضًا. مثل استطلاع إدوارد دي جرازيا القضائي للرقابة
الأدبية، في (Girls Lean Back
Everywhere) قانون الفحش والاعتداء على العبقرية 1992، وهو مجرد وجهة نظر في
وقتٍ لا يتم فيه إرسال أحد إلى السجن بسبب فظاظة القول أو لاحتواءه على ألفاظ
نابية.