يشير هذا البيان الغامض إلى ميل الحياة المزعج نحو افتعال المشاكل وجعل من أهون
الأمور أصعبها. يبدو لنا أن تلك المشاكل تُبتدع من تلقاء نفسها، في حين أن حلول
تلك المشاكل تتطلب الانتباه، الطاقة ومن ثمَّ الجهد. الحياة لا تُكيِّف نفسها كي
تتناسب مع أمورنا، ولكن على النقيض حياتنا تغدو أكثر تعقيدًا وقساوة، حياتنا
تتدهور تدريجيًا إلى أن تُصبح مضطربة كليًا بدلًا من أن تكون بسيطة ومنُظَّمة.
لِمَ كل هذا؟
قانون مورفي، قولٌ عابرٌ يذكره الناس خلال محادثاتهم الاعتيادية، ولكن في مكنونه فإنه على صلةٍ تامة بإحدى قوى كوننا العظيمة، هذه القوة جوهرية أساسية في طريقة سير عالمنا؛ تتخلل كل مسعى نقصده تقريبًا؛ تتحكم في العديد من المشاكل التي نواجهها، وبدورها تؤدي إلى الفوضى، إنها القوة الوحيدة التي تحكم حياة الجميع، إنها الإنتروبيا.
قانون مورفي، قولٌ عابرٌ يذكره الناس خلال محادثاتهم الاعتيادية، ولكن في مكنونه فإنه على صلةٍ تامة بإحدى قوى كوننا العظيمة، هذه القوة جوهرية أساسية في طريقة سير عالمنا؛ تتخلل كل مسعى نقصده تقريبًا؛ تتحكم في العديد من المشاكل التي نواجهها، وبدورها تؤدي إلى الفوضى، إنها القوة الوحيدة التي تحكم حياة الجميع، إنها الإنتروبيا.
ما هي الإنتروبيا، ولماذا هي مهمة؟
إليك طريقة بسيطة للتفكير في الأمر:
تخيل أنك تأخد علبة من قطع اللغز، ثُم أفرغتها على طاولة. نظريًا، من الممكن أن تسقط القطع تمامًا في مكانها المخصص وتكوِّن في النهاية الشكل المطلوب كليًا، ولكن في الواقع، لن يحدث هذا أبدًا.
إليك طريقة بسيطة للتفكير في الأمر:
تخيل أنك تأخد علبة من قطع اللغز، ثُم أفرغتها على طاولة. نظريًا، من الممكن أن تسقط القطع تمامًا في مكانها المخصص وتكوِّن في النهاية الشكل المطلوب كليًا، ولكن في الواقع، لن يحدث هذا أبدًا.
لماذا؟
بكل بساطة، ولأن الغالبية ساحقة ضدها؛ فكل قطعة يجب أن تسقط في موضعها بعينه الصحيح لتكوين شكل اللغز المكتمل. حالةٌ واحدةٌ مستحيلة وممكنة في الآن ذاته حيث تتمركز كل قطعة بالترتيب، ولكن هناك عدد لا حصر له من الحالات التي تكوِّن القطع فيها عشوائية مبهمة لشكل اللغز -رياضيتيًا، من غير المرجح أن يكتمل اللغز بتلك العشوائية.
بكل بساطة، ولأن الغالبية ساحقة ضدها؛ فكل قطعة يجب أن تسقط في موضعها بعينه الصحيح لتكوين شكل اللغز المكتمل. حالةٌ واحدةٌ مستحيلة وممكنة في الآن ذاته حيث تتمركز كل قطعة بالترتيب، ولكن هناك عدد لا حصر له من الحالات التي تكوِّن القطع فيها عشوائية مبهمة لشكل اللغز -رياضيتيًا، من غير المرجح أن يكتمل اللغز بتلك العشوائية.
وبالمثل! إذا
قمت ببناء قلعة رملية على الشاطئ وتركتها ثم عدت بعد بضعة أيام... لن تجدها.
ستجد فقط مزجًا من حبيبات رمال قد تشبه تلك القلعة الرملية، ولكن في الوقت ذاته هناك عدد لا حصر له من الحبيبات الرملية التي لا تشبهها بتةً.
مرة أخرى، من الناحية النظرية، من الممكن أن تقوم الرياح والأمواج بتحريك الرمال رأسًا على عقب وتكوِّن شكل القلعة الخاصة بك، ولكن من الناحية العملية هذا لن يحدث مطلقًا فالرمال ستكون متناثرة في كتلة عشوائية.
ستجد فقط مزجًا من حبيبات رمال قد تشبه تلك القلعة الرملية، ولكن في الوقت ذاته هناك عدد لا حصر له من الحبيبات الرملية التي لا تشبهها بتةً.
مرة أخرى، من الناحية النظرية، من الممكن أن تقوم الرياح والأمواج بتحريك الرمال رأسًا على عقب وتكوِّن شكل القلعة الخاصة بك، ولكن من الناحية العملية هذا لن يحدث مطلقًا فالرمال ستكون متناثرة في كتلة عشوائية.
هذه الأمثلة
البسيطة تصور جوهر الإنتروبيا. الإنتروبيا هي مقياس للفوضى.
لماذا الانتروبيا مهمة لحياتنا؟
إنه الميل الطبيعي للأشياء للتملص من الأوامر الحتمية،
وبغض النظر عن ذلك ستغدو الحياة حتمًا لما هو أقل تنظيمًا. القلاع الرملية تندثر
بفعل أمواج البحار، الأعشاب تطغي على الحدائق، الأطلال تتصدع ومن ثمَّ تنهار،
السيارات تصدأ، والبشر يهرمون تدريجيًا بتقدم العمر.. مع الوقت الكافي؛ حتى الجبال
تتآكل وتصبح حوافها مستديرة، الاتجاه الحتمي للأمور هو أن تُصبح أقل تنظيمًا.
هذا هو
المعروف بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية، إنها واحدة من المفاهيم التأسيسية
للكيمياء، وهي واحدة من القوانين الجوهرية لكوننا. ينص القانون الثاني للديناميكا
الحرارية على أن الإنتروبيا داخل النظم المغلقة لن تنخفض أبدًا...
أعتقدَ العالم البريطاني آرثر إدينجتون أن "القانون الذي يزيد من الإنتروبيا دائمًا هو قانون الطبيعة".
فإذا أشار شخص ما إلى نظريتك عن الكون على أنها متعارضة مع معادلات ماكسويل -ووجد أنها تناقضها بمجرد الملاحظة- فـ حسنًا! محتمل أن هؤلاء التجريبيين يقومون بأشياء غير متقنة أحيانًا؛ ولكن إذا وجدت نظريتك تتعارض مع القانون الثاني للديناميكا الحرارية، فلا يمكنني أن أمنحك أي أمل، فلا مفر لنظريتك سوى الانهيار في أعماق قاع الإذلال.
على المدى الطويل، لا شيء يفلت من القانون الثاني للديناميكا الحرارية. فتأثير الإنتروبيا لا هوادة فيه. كل شيء يتلاشى، والفوضى في زيادة مستمرة.
فإذا أشار شخص ما إلى نظريتك عن الكون على أنها متعارضة مع معادلات ماكسويل -ووجد أنها تناقضها بمجرد الملاحظة- فـ حسنًا! محتمل أن هؤلاء التجريبيين يقومون بأشياء غير متقنة أحيانًا؛ ولكن إذا وجدت نظريتك تتعارض مع القانون الثاني للديناميكا الحرارية، فلا يمكنني أن أمنحك أي أمل، فلا مفر لنظريتك سوى الانهيار في أعماق قاع الإذلال.
على المدى الطويل، لا شيء يفلت من القانون الثاني للديناميكا الحرارية. فتأثير الإنتروبيا لا هوادة فيه. كل شيء يتلاشى، والفوضى في زيادة مستمرة.
دون جهد.. تميل الحياة إلى فقدان النظام
قبل أن يتخلل إليك شعور الاكتئاب، هناك أخبار جيدة...
يمكنك أن تقاتل ضد تأثير الإنتروبيا، يمكنك حل اللغز المُبعثر، يمكنك جز الأعشاب من حديقتك، يمكنك إعادة ترتيب غرفة تعمها الفوضى، يمكنك تنظيم الأفراد داخل فريق شرط أن يكون متماسك.
يمكنك أن تقاتل ضد تأثير الإنتروبيا، يمكنك حل اللغز المُبعثر، يمكنك جز الأعشاب من حديقتك، يمكنك إعادة ترتيب غرفة تعمها الفوضى، يمكنك تنظيم الأفراد داخل فريق شرط أن يكون متماسك.
ولكن بسبب ميل الكون بشكل طبيعي نحو الفوضى، عليك أن تُبذل جهد لخلق الاستقرار، البنية الأساسية والبساطة. العلاقات الناجحة تتطلب الرعاية والاهتمام. الفريق الصاعد في حاجة إلى التواصل والتعاون... بدون جهد مبذول؛ الأشياء سوف تندثر ومن ثمَّ تتلاشى.
هذه النظرية -الاضطراب لديه ميل طبيعي للازدياد طوال الوقت، ولا يسعنا مواجهته سوى بتكثيف الطاقة المبذلة - تكشف عن المكنون الأساسي للحياة. يجب علينا بذل الجهد لخلق شاكليات مفيدة من النظام تتسم بالمرونة الكافية لتحمل قوة تأثير الإنتروبيا بلا هوادة.
"الغرض النهائي من الحياة، العقل والسعي البشري هو نشر الطاقة والمعلومات لمقاومة المد الإنتروبي وحيازة ملاذات نافعة" ستيفن بينكر
الحفاظ على التنظيم في مواجهة الفوضى ليس بالأمر السهل. على حد تعبير إيفون شوينارد مؤسس باتاغونيا "إن أصعب أمر في العالم هو تبسيط حياتك لأن كل شيء يجذبك لتكون أكثر تعقيدًا".
الإنتروبيا تزداد من تلقاء نفسها، الطريقة الوحيدة لجعل الأمور منظمة مرة أخرى هو كمية الطاقة المبذلة... النظام يتطلب الجهد.
الإنتروبيا في حياتنا اليوميةتساعد الإنتروبيا على شرح العديد من الخبايا المبهمة والخبرات الحياتية اليومية فمثلًا:
لماذا الحياة مميزة وفريدة
بالالتفات إلى جسم الإنسان
بالالتفات إلى جسم الإنسان
الذرات التي تشكل جسم الإنسان من الممكن إعادة ترتيبها بطرق مختلفة لا حصر لها، وتقريبًا كلًا منهم لا يؤدي إلى الشكل الحياتي المألوف على الإطلاق. رياضيتيًا، الاحتمالات تكون بشكل كبير ضد وجوديتك، فأنت مزيج غير مؤتلف من الذرات، ولكن في النهاية ومع كل ذلك أنت هنا... هذا حقًا فريد.
في الكون حيث الإنتروبيا تتحكم في اليوم؛ وجود الحياة مع مثل هذا التنظيم والبنية والاستقرار أمرمذهل.
لماذا الفن أمره جميل
تقدم الإنتروبيا تفسيرًا جيدًا لماذا الفن والجمال رائعين لأبعد حد، حيث يُبدع الفنانون شكلًا من أشكال النظام والتناظر التي لا يمكن للكون أن يولدها وحده وذلك من النادر جدًا في المخططات الاحتمالية العظيمة. عدد المجموعات الجمالية أقل بكثير من مجمل الاحتمالات؛ وبالمثل، من النادر والجميل رؤية وجه متناسق في مثل الوقت الذي به طرق عدة لاحتمالية كونه غير متناسق.
الجمال نادر وغير محتمل في كون تحكمه الفوضى، ولعل ذلك سبب جيد لحماية الفن، ولذلك يجب أن نحرسه ونعامله كشيء مقدس.
لماذا الزواج صعب؟
أحد أشهر الكلمات الافتتاحية في الأدب من رائعة ليو تولستوي من آنا كارنينا "العائلات السعيدة متشابهة، كل أسرة غير سعيدة غير سعيدة لشأنها الخاص".
هناك العديد من الطرق المؤدية لفشل الزواج، الضغوط المالية.. الأمور الأبوية المعقدة.. صراعات القيم الأساسية.. عدم الثقة.. والخيانة وما إلى ذلك، حيث يمكن لسببٍ واحد من تلك الأسباب أن يدمر عائلة كاملة.
كي تكون سعيدًا؛ فأنت بحاجة إلى درجة من النجاح في كل مجال رئيسي، وبالتالي، فإن جميع العائلات السعيدة متشابهة لأن جميعها لها بنية مماثلة. وعلى نفس الشاكلة نجد أن الإنتروبيا تتخلل إلى الحياة الأسرية، فبين لحظة وأخرى من الممكن أن يحدث اضطراب من خلال طرق عدة في حين أن النظام طرق تطبيقه قليلة.
لماذا تصميم الحياة المُثلى لم يُكتشف؟
لديك مجموعة من المواهب والمهارات والاهتمامات الخاصة بك، ولكنك تعيش أيضًا في محتمع كبير وثقافة أكبر لم يتم تصميهما وفق قدراتك الخاصة. بالالتفات إلى ما نعرفه عن الإنتروبيا، ما الذي يُخيل لك إذا كانت البيئة التي نشأت فيها هي البيئة المُثلى لموهبتك؟
من غير المحتمل كليًا أن تقدم لك الحياة وضعًا يتناسب تمامًا مع نقاط قوتك. من بين جميع السيناريوهات المحتملة التي قد تصادفها، من المرجح أنك ستصادف واحدًا لا ينصاع إلى موهبتك ويلبيها.
يستخدم علماء الأحياء التطورية مصطلحًا يسمى (شروط عدم التطابق) لوصف ما إذا كان الكائن الحي لا يتكيف تمامًا مع الحالة التي يواجهها. لدينا عبارات شائعة لحالات عدم التطابق تلك مثل (كالسمك خارج الماء) (كالذي أحضر سكينة لمعركة إطلاق النار). من الواضح أن عند وجودك في حالة لا تطابق ماهيتك، من الصعب أن تنجح أو بالأحرى أن تكون مفيدًا.
من المرجح أن تواجه حالات عدم التطابق في حياتك العادية، -على أقل تقدير- لن تكون الحياة مثالية، ربما لم تنشأ في الثقافة المثلى المتوافقة مع اهتماماتك، ربما تم توجيهك خطأ لموضوع لا يحفزك أو رياضة عكس ما تهواه، ربما قد ولدت في الوقت الخطأ من التاريخ. من المرجح أنك تعيش في حالة عدم تطابق كليًا.
مع العلم بذلك، يجب أن تحمل على عاتقك مسؤولية تصميم نمط حياة مثلى لك، يجب عليك تحويل حالة عدم التطابق تلك إلى حالة مطابقة لماهيتك، الحياة المُثلي يتم تصميمها لا اكتشافها.
تطبيق قانون مورفي على الكون
أخيرًا، لنعد إلى نص قانون مورفي "أي شيء بإمكانه أن يخطو نحو الاتجاه الخاطئ، سيخطو نحو الاتجاه الخاطئ".
تقدم الإنتروبيا تفسيرًا جيدًا عن سبب ظهور قانون مورفي في مختلف اتجاهات الحياة، هناك طرق أخرى يمكن أن تسير الأمور فيها بشكل خاطئ أكثر من الصحيح. صعوبات الحياة التي تواجهها لا تحدث لأن الكواكب غير محاذية أو لأن بعض القوى الكونية تتآمر ضدك، إنها مجرد الإنتروبيا. وكما ذكر أحد العلماء أن "الإنتروبيا تشبه قانون مورفي المطبق على الكون بأسره".
هذا ليس خطأ أحد، إنها المشاكل الحياتية؛ إنه ببساطة قانون الاحتمالية. هناك العديد من الدول المضطربة وعدد قليل غير ذلك. بالنظر إلى الصعوبات التي نواجهها، المحور هو ليس بتوجيه النظر إلى المشاكل الحياتية بل إلى إمكانية إيجاد حلول لها كليًا.